Search This Blog

Website counter


 



الأربعاء 10/12/2008

رام الله- وفا- شهدت الأراضي الفلسطينية في شهر كانون الأول عام 1987، انتفاضة شعبية واسعة شارك فيها كافة أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل، مدعوما من قيادة فلسطينية بالخارج.

ففي الثامن من كانون الأول 'ديسمبر' 1987، كانت حافلات تقل عمالاً فلسطينيين عائدين من مساءً من أماكن عملهم داخل الخط الأخضر إلى قطاع غزة، وحين كانت على وشك القيام بوقفتها اليومية أمام الحاجز الإسرائيلي 'بيت حانون' للتفتيش، داهمتها شاحنة عسكرية إسرائيلية، ما أدى إلى استشهاد أربعة عمال وجرح سبعة آخرين، جميعهم من سكان مخيم جباليا في القطاع.

ولاذ سائق الشاحنة العسكرية الإسرائيلية بالفرار على مرأى من جنود الحاجز، وعلى أثر ذلك اندلع الغضب الشعبي صباح اليوم التالي من مخيم جباليا، حيث يقطن أهالي الضحايا ليشمل قطاع غزة برمته وتتردد أصداءه بعنف أيضاً في الضفة الغربية.

ولدى تشييع الشهداء الأربعة، شاركت طائرات مروحية إسرائيلية جنود الاحتلال الذي كانوا برا في قذف القنابل المسيلة للدموع والدخانية لتفريق المتظاهرين الغاضبين، وقد استشهد وأصيب في ذلك اليوم بعض المواطنين، وفرضت سلطات الاحتلال نظام منع التجول على بلدة ومخيم جباليا وبعض أحياء في قطاع غزة. 

وفي 10-12-1987 تجددت المظاهرات والاشتباكات مع قوات الاحتلال، حيث عمت مختلف مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة في أكبر تحد لسلطات الاحتلال وإجراءاتها التعسفية ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

 

واستمرت الانتفاضة الشعبية، في وقت استمرت فيه منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الزعيم ياسر عرفات، بمواكبتها وتوجيهها ودعمها سياسيا من خلال فضح الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية، وإعلاميا من خلال مؤسساتها الإعلامية التي كانت تغطي بشكل دقيق وشامل أحداث الانتفاضة، ما ساهم في خلق رأي عام عالمي متعاطف مع الانتفاضة الجماهيرية الفلسطينية، ومادية من خلال إرسال الأموال لتغطية فعاليات الانتفاضة اليومية وصرف معونات مادية وعينية لأسر الشهداء والجرحى والأسرى والأسر المستورة، وإقامة بعض المشاريع الاقتصادية التي ساهمت في خلق فرص عمل للمواطنين لرفع مستواهم الاقتصادي ولتقوية صمودهم في وجه اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي.

وقد حرصت قيادة م.ت.ف، بواسطة الأطر التنظيمية لحركة فتح وفصائل العمل الوطني الفلسطيني الأخرى في الأراضي الفلسطينية، وبواسطة المؤسسات والهيئات والمنظمات الجماهيرية والنقابية والمهنية والأكاديمية في فلسطين، على أن تضمن لكل مواطن حقه في المشاركة في الانتفاضة.

 

وبعد مضي نحو عام تمكنت تلك القيادة، إثر حوارات وتحركات واتصالات أجرتها عربيا وعالميا، من وضع تصورها السياسي المستقبلي، وحددت الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 1988، موعداً لعقد دورة طارئة للمجلس الوطني الفلسطيني، لمناقشة هذا التصور وإقراره.

وسميت هذه الدورة بدورة 'الانتفاضة' وفي الساعة الصفر والدقيقة الأربعين بتوقيت القدس الشريف، من يوم الثلاثاء الواقع في الخامس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 1988، تم اتخاذ قرار سياسي مهم في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها ألا وهو إقرار 'وثيقة الاستقلال' بالإجماع.

كما أقر المجلس بأغلبية أصوات أعضائه البرنامج السياسي لإنجاز هذا الهدف، وتمكين هذه الدولة من ممارسة سلطتها الفعلية على أرضها.

 

وأشير في وثيقة الاستقلال عند إيرادها للسند القانوني، إلى 'الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب العربي الفلسطيني بتشريده وبحرمانه من حق تقري المصير، إثر قرار الجمعية العامة (للأمم المتحدة) رقم 181 لعام 1947 الذي قسم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية، ثم أضافت أن هذا القرار 'ما يزال يوفر شروطاً للشرعية الدولية، تضمن حق الشعب العربي الفلسطيني في السيادة والاستقلال'. 

وقد دعمت الانتفاضة هذا التحول، من خلال تعبير جماهيري عبر تظاهرات التأييد، وبما صدر عن قيادتها الوطنية الموحدة من نداءات رحبت بوثيقة الاستقلال، واعتبرتها خطوة مهمة على طريق إنجاز الاستقلال الوطني.

 

وبعد عشر سنوات من الانتفاضة الشعبية من جانب الفلسطينيين، مقابل رد عسكري عنيف من الجانب الإسرائيلي، استشهد 1550 فلسطينياً، واعتقل نحو 100000 فلسطيني (وفق معطيات مؤسسة رعاية أسر الشهداء والأسرى).

 

وتشير معطيات مؤسسة الجريح الفلسطيني إلى أن عدد جرحى انتفاضة 87 يزيد عن 70 ألف جريح، يعاني نحو 40% منهم من إعاقات دائمة، و65% يعانون من شلل دماغي أو نصفي أو علوي أو شلل في احد الأطراف بما في ذلك بتر أو قطع لأطراف هامة.

وكشفت إحصائية أعدتها مؤسسة التضامن الدولي حينذاك أن 40 فلسطينياً سقطوا خلال الانتفاضة داخل السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، بعد أن استخدم المحققون معهم أساليب التنكيل والتعذيب لانتزاع الاعترافات.

وقد صدر عن مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بيتسيلم)، حينها، تقريرا لمناسبة الذكرى السنوية العاشرة للانتفاضة جاء فيه: أن 1346 فلسطينياً استشهدوا بنيران الاحتلال مباشرة، من بينهم 276 طفلاً، و162 شهيداً على أيدي ما يسمى بالوحدات الخاصة.

وورد كذلك في تقرير 'بتسيلم'، أن 133 فلسطينياً استشهدوا على أيدي المستوطنين، وتم إبعاد 481 فلسطينياً من الأراضي الفلسطينية إلى خارج الوطن، وإصدار 18000 أمر اعتقال إداري ضد المواطنين، وتم هدم 447 منزلاً فلسطينياً (على الأقل) هدماً كاملاً، وإغلاق 294 منزلاً فلسطينياً (على الأقل) إغلاقاً تام